Blog

يلعب ضمان الجودة دورا محوريا في إستمرارية الأعمال من خلال ضمان أن الوظائف الأساسية مثل الإنتاج، والتسليم، وخدمة العملاء تكون متماشية مع معايير الجودة المؤسسية حتى في وجود الضغوطات، وفيما يخص المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإمكان لتقلبات الاقتصادية وانقطاعات سلاسل التوريد أن تزيد من التعقيد ، ويساعد ضمان الجودة في الاستقرار من خلال دمج ضمان الجودة في خطط إستمرارية الأعمال كما أنه يساهم في إدارة المخاطر وحماية سمعة المؤسسة والتعافي بسرعة من الأزمات.

استثمرت “أرامكو السعودية” أكبر شركة نفط في العالم ونظرا لأهميتها للأسواق النفطية العالمية بشكل كبير في ضمان الجودة ضمن عملياتها خلال الأزمات مثل الهجمات بالطائرات المسيرة في عام 2019 التي عطلت الإنتاج مؤقتا، ومكنت إستراتيجيات إستمرارية الأعمال المعتمدة على ضمان الجودة الشركة من تقليل وقت التوقف والعودة للإنتاج بسرعة ودون المساس بالجودة.

تستخدم المؤسسات التي تجيد التعامل مع الأزمات أساليب مشتركة لضمان الجودة والحفاظ على سلامة العمليات التشغيلية:

1. تنويع سلاسل التوريد: تعمل المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تنويع الموردين ومراكز التوزيع، وعلى سبيل المثال تعتمد شركة “موانئ دبي العالمية” في الإمارات على تنويع مصادر سلاسل التوريد ومراكز التوزيع للحفاظ على مستوى الخدمات أثناء الأزمات الجيوسياسية أو الاقتصادية وذلك من خلال توزيع المخاطر عبر موردين وجغرافيات متعددة لتكون موانئ دبي العالمية مجهزة بشكل أفضل لضمان استمرار العمليات بسلاسة مما يحافظ على جودة الخدمة.
2. الأنظمة المرنة للتحكم بالجودة: عند تطبيق أطر العمل المرنة بغرض ضمان الجودة كما فعلت شركة “يونيليفر” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإن ذلك يؤدي إلى تسهيل التكيف السريع مع الظروف المتغيرة خلال الأزمات مثل جائحة “كوفيد-19” حيث ساعدت التعديلات السريعة في عمليات التحكم بالجودة في الحفاظ على الالتزام بالمعايير العالمية.
3. التحول الرقمي والأتمتة: بالإمكان ومن خلال دمج آليات التحول الرقمي و الأتمتة لضمان الجودة ضمن العمليات كم فعلت شركة “طيران الإمارات” تحديد المشكلات والاستجابة لها في الوقت الفعلي وضمان الإلتزام بمعايير الجودة ضمن العمليات وخاصةً في البيئات التنظيمية المتغيرة بسرعة.
4. المنهجية التعاونية: يؤدي إنشاء فرق متعددة الوظائف مثل النموذج الذي طبقته شركة “نستله الشرق الأوسط” إلى دمج الخبرات في العمليات وإدارة الجودة والحد من المخاطر، وتعزيز هذه المنهجية خلال الأزمات مما يضمن توحيد جودة مجموعتها المتنوعة من المنتجات.
5. قنوات التواصل الواضحة: يعتبر الحفاظ على التواصل الشفاف مع أصحاب المصلحة أمرا حاسما خلا الأزمات، وتؤكد مجموعة “جميرا”، وهي سلسلة فنادق فاخرة مقرها دبي أهمية هذه القنوات من خلال بروتوكولات تواصل واضحة مع الضيوف والموردين والموظفين، وقد حافظت مجموعة جميرا وخلال جائحة “كوفيد-19” على التميز في الخدمة مما عزز الثقة وأبرز التزامهم بالتميز التشغيلي.

أظهرت عدة شركات في جميع أنحاء العالم ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرونة بفضل الاستفادة من ضمان الجودة بغرض إستمرارية الأعمال في أوقات الأزمات:

• توزيع لقاح “أسترازينيكا” (عالمي):
  خلال ذروة جائحة “كوفيد-19″، كانت عمليات “أسترازينيكا” العالمية تحت ضغط هائل لتسليم اللقاحات بسرعة دون التضحية بالجودة، ومن خلال نظام إدارة جودة مرن يشتمل على تتبع البيانات في الوقت الفعلي واختبارات صارمة والتعاون بين الأقسام، تمكنت “أسترازينيكا” من زيادة الإنتاج مع ضمان أن كل دفعة تلبي المعايير المؤسسية وكان هذا الالتزام بضمان الجودة حاسما في توفير اللقاحات المنقذة للحياة عالميا.
• شركة “سابك” (الشركة السعودية للصناعات الأساسية):
  واجهت “سابك” وباعتبارها واحدة من أكبر شركات الكيماويات المتنوعة في العالم تحدي إنقطاعات سلاسل التوريد الناجمة عن “كوفيد-19″، و حافظت “سابك” من خلال تطبيق إطار قوي لضمان الجودة والاستفادة من التقنيات الرقمية على جودة منتجاتها من البتروكيماويات والبلاستيك حتى مع تعطل اللوجستيات العالمية، وأتاحت المرونة التي تتمتع بها الشركة تلبية الطلب في مختلف الأسواق من السيارات إلى الرعاية الصحية مع الحفاظ على إستمرارية العمليات.
• شركة نفط البحرين (بابكو):
  واجهت بابكو إحدى أكبر الشركات الصناعية في البحرين تحدي الحفاظ على جودة الإنتاج المتسقة مع التكيف مع تقلبات أسعار النفط العالمية ومشكلات سلاسل التوريد، وقامت بابكو بتطبيق إطار مرن لضمان الجودة للحفاظ على جودة الإنتاج خلال الأزمات، وأتاحت مقدرة الشركة على التحول بسرعة والبحث عن مواد بديلة جنبا إلى جنب مع عمليات الفحص الصارمة ضمان أن جودة المنتجات لم تتأثر رغم تحديات سلاسل التوريد.
• بنك قطر الوطني (QNB):
  حافظ بنك قطر الوطني أكبر بنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على جودة الخدمة الاستثنائية خلال الجائحة من خلال الاستثمار في منصات رقمية متقدمة وتعزيز بروتوكولات ضمان الجودة، وقام بتطبيق مبادرات التحول الرقمي مثل الخدمات المصرفية عن بعد وأدوات خدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي مما ساعد بنك قطر الوطني أن يضمن تلقي لعملاء لخدمات مصرفية عالية الجودة دون انقطاع، وساهمت أنظمة ضمان الجودة القوية لديهم تشغيل سلس حتى مع تزايد الطلب على الخدمات المصرفية الرقمية.

يجب على المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحول العالم وفي زمن تكثر فيه الأزمات أن تكون مستعدة لإدارة الأزمات مع الحفاظ على معايير الجودة الثابتة، ويلعب ضمان الجودة دورا حاسما في التأكد من إمكانية خطط إستمرارية من الحفاظ على العمليات وبالتالي ثقة العملاء والموردين وأصحاب المصلحة، ومن خلال إعتماد أنظمة إدارة جودة مرنة وتنويع سلاسل التوريد وحلول ضمان الجودة المدفوعة بالتقنية وإستراتيجيات التواصل الشفافة بإمكان المؤسسات التعامل مع الأزمات بنجاح والخروج منها أكثر قوة.
وتؤكد تجارب رواد الصناعة مثل “أرامكو السعودية” و”أسترازينيكا” و”موانئ دبي العالمية” و”مايكروسوفت مصر” كيف أن الإلتزام الثابت بضمان الجودة خلال الأزمات يعزز من إمكانية المؤسسة في مواجهة أزمات وذلك بالإعتماد على دمج هذه الممارسات ضمن عملياتهم الأساسية، مما سيساعد في حماية العلامة التجارية للمؤسسات والحفاظ على سمعتها وتعزيز النمو المستدام وأن تصبح رائدة في مجالها ويضمن نجاحها في المستقبل.